Thursday

الهـوس الـلاسامـي فـي مـواجهـة »بـارك رويـال

By Nidal Khairi
نشرت في صفحة الشباب " السفير"
ما أجمل الشعور "فلسطين" , قالت ياسمين القادمة من " رام الله " لكي تدرس في الكونسرفتوار البلجيكي , لا أعلم ماذا كان يدور في رأسها , هل هي العصافير في البارك رويال التي أوحت لها بصور الوطن البعيد, أم أنها الفتاة الأروبية التي تقف مرتدية الكوفية الفلسطينية ,و تحاول إقناع المتنزهين بالتوقف و الإستماع لقصص حملتها معها من غزة ,حيث أقامت رفضا للتعصب و الكره و تحديا للإمبريالية الأميركية و الإسرائيلية . في السابق كنا ننظر إلى هؤلاء الأوروبيين الشقر ببعض الإستخفاف حين يتحدثون عن فلسطين, ربما لأننا بتنا لا نحتمل أن يزايد علينا أحد بالألم , هذا " ألمنا المقدس " . و لكنك حين تستمع إليهم و تدقق في كل ما يجري على الساحة الأروبية من مضايقات لهم كأفراد أو حتى كجمعيات أهلية , لا يمكنك إلا أن تقدر جهودهم , ففي الحد الأدنى هم يمثلون الضمير الجماعي الأوروبي, أو ما نطلق عليه إسم الرأي العام العالمي الذي لطالما إنتظرنا أن يتحرك يوما شعوره الإنساني ليرفع و لو جزء من الظلم الصهيوني .
جيزيل التي إنضمتإلينابعد أن تعبت من إيقاف المارة , أخبرتنا أنها قادمة من باريس للمشاركة في مؤتمر يناقش الهوس اللا سامي المتفشي في دول أوروبا الغربية. لقد عملت الجمعيات الصديقة لإسرائيل لسنوات طويلة على إشاعة خوف مستمر من اللاسامية, و ساهمت من خلال اللوبي اليهودي بالضغط على الحكومات لكي تتبنى هذه الحرب القانونية على عدو مفترض للقيم الإنسانية, مؤخرا و مع نجاح الطريقة الأميريكية الماكارثية بإختلاق الخوف لتنويم الشعوب و تسييرها و إنتقال أساليبهم إلى أوروبا, بات الأمر يشبه حالة من الهوس اللا سامي , صار توجيه الإنتقادات لدولة إسرائيل معاد للسامية و يحمل دعم للإرهاب العالمي , و غالبا في زمن قادم سيتلفت المرء حوله كثيرا قبل أن يقول " إسرائيل " بصوت خافت .
منذ حوالي الشهر , قال وزير بلجيكي سابق و في إطار مشاركته بمسيرة لجمعيات أهلية و إنسانية بمناسبة مرور 60 عاما على النكبة , بأن على أحدهم أن يوقف الإرهاب الإسرائيلي في فلسطين , في اليوم التالي قامت الجمعيات الإسرائيلية بإتهامه بإطلاق تصريح معاد للسامية و طالبت بتوضيح و إعتذار رسمي من المجتمع اليهودي في بلجيكا. لاحقا قام بتوضيح ما قاله بشكل مهين, تمام كما فعل غيره من السياسيين التي زل لسانهم بحقيقة الوضع الفلسطيني , كعمدة أنتوارب مثلا الذي وجه إعتذار علني و كاد يفقد منصبه نتيجة تصريح لم يرض يهود أنتوارب الأرتدوكسيين .
من جهتها حيزيل تشرح أن اكثر من يعاني في فرنسا من هذا القمع اللا أخلاقي هو الفنانين و المثقفين, فقد مثل العديد من الأكاديميين أمام القضاء بتهمة معاداة السامية , بعضهم كحنا أردنت منذ سنوات, إتهموا من قبل يهود فرنسا بكره الذات و تمت مضايقتهم بشكل غريب أمام نظر القانون الفرنسي العاجز تماما حين يتعلق الأمر باليهود, الذين لم يتمتعوا في أي حقبة سابقة بهذا القدر من الدلال الأوروبي . إلا أن المزاج الأوروبي بدأ يتغير , تقول الفرنسية التي أثارها النقاش فقررت أن تعود إلى مواطنيها الأوروبيين لكي تقنعهم بالنظر شرقا نحوا فلسطين .
ما أجمل الشعور فلسطين , بقيت أردد هذه العبارة بعد أن تفرق الجميع , أن تذكر فلسطين كوطن موجود و ليس كوطن مسلوب, كأن تتخيل نزهة بالسيارة من الناقورة إلى عكا أو أن تذهب لقضاء الويك أند على شاطئ حيفا مثلا . تبدو الصورة خيالية بعد كتابتها الآن, و لكنها بدت حقيقية جدا و هي تخرج من فم صديقتي الفلسطينية حين تذكرت وطنها الموجود و حدثتني عن أخوها الشهيد, كان شاعرا و كان يكتب للحب على وقع الأباتشي الإسرائيلية, و يخبر العالم في دفتره الضائع عن ألمنا المقدس .

No comments: