تسطعُ عدسات الكاميرات وسط جلبة من الهمهمة و التدافع لالتقاط أفضل اللقطات، يبدو الرجلان سعيدان حقا بالاتفاق الذي توصلا اليه. الحضورُ أيضاً يبتسم و الإعلاميون و منسقوا العرض و الصالة، حتى الوجوه المسمرة في غرف الجلوس حول قهوة ما بعد الغداء، و المارة في شارع تجاري أمام محل الكترونيات ، حيث يستوقفنا "جهاد" شابٌ نحيل يرتدي معطفاً رمادياً يصل الى ركبتيه و يضع نظارات سميكة، فيما لا تبدو على وجهه أية تعابير ازاء الحدث السياسي الذي تبثه العشرات من الشاشات المتفاوتة الأحجام أمامه.
لقد حلم طوال الأسبوع بأنه متلاش في فراغ الفضاء، تبدو له الشمس بعيدة كأنه قد وضع الكوكب كله وراءه و رحل. كان يستمر طائفا في الصمت، حتى تتراءى له كرة ذهبية بحجم قبضة اليد تسبح أمامه. لم يحاول أن يعطي الحلم معنى، و لكنه بات يرى نفسه كل يوم يقترب منها أكثر.
"هل يعقل أننا عالقان في مدار واحد ؟" قال حين استيقظ هذا الصباح، و سد أذنيه بأصابعه محاولا استرجاع المشهد. لقد كان هناك هالة موسيقية بعيدة تسبح حولها هذه الليلة.